لإرساء استراتيجية إعلامية خليجية لمواجهة القنوات المأجورة ولوبيات الضغط
جريدة البلاد -
الإعلام مسؤولية وطنية ومعركة وعي لا تتوقف   نظم مركز عبد الرحمن كانو الثقافي مساء يوم أمس الأول ندوة بعنوان “الإعلامي البحريني ومواجهة الفضائيات”، قدّم ورقتها الكاتب والإعلامي الزميل إبراهيم النهام، وأدارها أحمد البحر، وسط حضور كبير من المثقفين والإعلاميين ورواد المركز. وتناولت الندوة التحديات التي تواجه الإعلام البحريني في ظل الانفتاح الفضائي وتعدد المنصات، مؤكدة أن الإعلام لم يعد مجرد مهنة، بل أصبح مسؤولية وطنية تتطلب وضوح الرسالة وثبات الموقف والقدرة على إدارة الحوار بوعي وحكمة. وشدد النهام في ورقته على أن الإعلامي البحريني اليوم يقف في مواجهة حملات منظمة تستهدف تشويه الحقائق وبث الشكوك، الأمر الذي يستدعي توحيد الاستراتيجية الإعلامية الخليجية لمواجهة القنوات المأجورة وتفنيد المغالطات التي تروجها، عبر خطاب عقلاني ومحتوى نوعي يعكس القيم الأصيلة للمجتمع الخليجي. وأكد أن هذه المواجهة لا تقتصر على الرد، بل تتطلب إنتاج رواية إعلامية قوية، قادرة على قيادة المشهد لا الاكتفاء بردود الأفعال، لأن الإعلام في جوهره ليس مجرد نقل خبر، بل صناعة وعي وحماية هوية. وأضاف النهام أن الإعلامي الناجح لا يكتفي بالظهور أمام الكاميرا، بل يبني حضوره من خلال وضوح الرسالة، وإدارة الاستفزازات التي قد تطرحها بعض الفضائيات، دون الانجرار إلى ردود فعل انفعالية. وأوضح أن القيم البحرينية تمثل قوة ناعمة مؤثرة، تجعل خطاب الإعلامي البحريني أكثر قبولًا واحترامًا في المحافل الدولية، لأنها تنطلق من نهج التعايش والسلم المجتمعي الذي أرسته القيادة البحرينية، وهو ما جعل صوت البحرين حاضرًا ومسموعًا في مختلف المنصات. وفي سياق التحديات، أشار النهام إلى أن الصحافة الصفراء تمثل أحد أخطر مظاهر الانحراف الإعلامي في المنطقة، حيث تعتمد على الإثارة والمبالغة في العناوين، وترويج الشائعات، وتقديم الأخبار بشكل غير موضوعي بهدف جذب الانتباه وزيادة المشاهدات، حتى لو كان ذلك على حساب الدقة والمصداقية. وأوضح أن هذه الممارسات أصبحت جزءًا من أدوات لوبيات الضغط التي تسعى لتشويه الحقائق وإرباك الرأي العام الخليجي، مؤكدًا أن مواجهتها تتطلب تعزيز ثقافة التحقق من المعلومات، وتدريب الإعلاميين على مهارات التدقيق الصحفي، وتفعيل القوانين التي تجرّم نشر الأخبار الكاذبة والمضللة، إلى جانب تقديم البديل الجاذب الذي يحقق التفاعل دون التضحية بالقيم المهنية. كما تناول النهام أهمية الإعلام الرقمي، مشيرًا إلى أن منصات التواصل الاجتماعي خلقت ميدانًا جديدًا يستطيع فيه الإعلامي البحريني أن يصنع روايته ويصل بها إلى ملايين، دون وسيط ودون تحريف، لكن التأثير الحقيقي يبقى لمن يوثق، ويدقّق، ويختار الكلمة المسؤولة، لأن الإعلام الجديد لا ينسى. وأكد أن المعركة اليوم هي معركة وعي، ولابد من تكوين شباب قادرين على خوضها. تدريبهم على مهارات الكاميرا، وصياغة الحجة، وتحليل المعلومة، وإدارة الوقت هو استثمار في أمن ووعي البحرين. هذا الجيل هو الامتداد الطبيعي لنا، وهو الذي سيحمل الصوت البحريني بثقة في السنوات المقبلة. وشدد النهام على أن مواجهة القنوات المأجورة ولوبيات الضغط لا يمكن أن تكون جهدًا فرديًا، بل تتطلب استراتيجية إعلامية خليجية موحدة تقوم على التنسيق المستمر بين المؤسسات الإعلامية، وإنتاج محتوى إبداعي عالي الجودة، وبناء منصات مشتركة لمواجهة الحملات المضللة، وتوظيف التقنيات الحديثة في إيصال الرسائل الوطنية بشكل مبتكر وجاذب. وأوضح أن هذه الاستراتيجية يجب أن تكون ديناميكية، قادرة على التكيف مع سرعة التغيرات في المشهد الإعلامي العالمي، وأن تعتمد على الشفافية والمصداقية كركيزتين أساسيتين في بناء الثقة مع الجمهور. وختم النهام مؤكدا أن الإعلام ليس ترفًا، بل هو قوة ناعمة وسلاح نظيف ومعركة لا تتوقف. ومهما تعددت الشاشات، تبقى الحقيقة واحدة: الإعلامي البحريني قادر، ومؤثر، وصوت يليق بالبحرين أينما كان، في ظل مشروع جلالة الملك المعظم الإصلاحي الذي أرسى دعائم دولة المؤسسات والقانون، وفتح آفاقًا واسعة أمام حرية الرأي والتعبير المسؤولة، وجعل من الإعلام شريكًا في التنمية، وحارسًا للوعي، وسندًا للوطن في مواجهة كل التحديات.

إقرأ المزيد