إيلاف - 12/13/2024 1:37:41 AM - GMT (+3 )
بشرى فيصل السباعي
كيف ولماذا سقط نظام بشار خلال حوالي عشرة أيام بدون أي معارك ومواجهات بعد أكثر من عقد من القصف اليومي على المدن السورية بمساعدة حلفائه؟ الجواب في تصريح وزير خارجية إيران وتصريح مماثل لمصدر بالكرملين في معرض تبريرهما سحب البلدين دعمهما لنظام بشار، حيث صرحا أن السبب هو انسحاب الجيش السوري ورفضه للقتال، ولذا وجد الحليفان أنه لا جدوى من أي تدخل طالما الجيش السوري لا يريد القتال، تماماً كما حصل مع الحكومة الأفغانية المدعومة من الأمريكيين بعد انسحاب أمريكا من أفغانستان، حيث امتنع الجيش الأفغاني عن قتال طالبان، وسلم لهم السلطة بعد عقدين من الدعم والتدريب والتسليح الأمريكي، وهذه عبر عامة؛ بأن الحلفاء لا يمكنهم فعل شيء لإنقاذ نظام لا يريد أنصاره القتال دفاعاً عنه، ولا أحد يراهن على حصان خاسر، ولذا الحلفاء يتخلون عن حليفهم مقابل صفقة مع الصاعد الجديد لحفظ مصالحهم الاستراتيجية، وهذه طريقة سقوط الأنظمة، ونجاح المعارضة السورية بالسلطة يتوقف على سلوكها وتطور نوعية وعيها عن النموذج الداعشي الذي من المستحيل أن يقبل به السوريون، خاصة أن سوريا متعددة الطوائف، ولذا لن تقبل بالنموذج الداعشي المهووس باختطاف واغتصاب واستعباد نساء الأقليات والاتجار بهن بأسواق النخاسة، والتفنن بوسائل القتل الصادمة وتصويرها بشكل سينمائي، وملء الشوارع بالرؤوس المقطوعة، وتدريب الأطفال على ذبح البشر، بالإضافة للتورط في هجمات إرهابية في أنحاء العالم من الشرق إلى الغرب، وشمل ذلك تفجير المساجد بمن فيها، وتحريض المراهقين على قتل أهاليهم إن رفضوا الانضمام لداعش باعتبارهم مرتدين، فالمعارضة لتنجح بالحلول مكان النظام المخلوع وتحظى بالقبول المحلي والعالمي يجب أن تتبنى نموذج الدولة الحديثة المتحضرة الديمقراطية المسالمة ولا تتبع سياسات انتقامية وتصفيات طائفية وتعتمد بالقصاص على الجرائم التي اقترفها النظام خلال الثورة وما قبلها منذ أحداث تدمير حماة عام 1982 على تقديم المتهمين لمحكمة العدل الدولية، وتركز على تحسين الأحوال المعيشية لتحفز اللاجئين على العودة لبلدهم، لأنه حتى زوال النظام لن يحفز اللاجئين على العودة طالما الكهرباء لا تأتي إلا ساعتين باليوم، فمعضلة الجماعات الإسلامية أن كل تنظيرها ومشاريعها قائمة على فرض الهيمنة العالمية عبر العمليات الإرهابية والعنف، وليس من ضمن أجندتها تحسين الأوضاع المعيشية لأهل بلدهم، ولذا لا يوجد أدنى تأييد لهم بالعالم الإسلامي، وحتى الآن يبدو سلوك المعارضة ناضجاً ومتحضراً وإيجابياً، وبهذا تكسب التأييد الشعبي والعالمي، مع العلم أن من فوائد سقوط نظام بشار سيكون انقطاع طوفان المخدرات الذي أغرق المنطقة العربية وكان من مصادر تمويل نظام بشار، تماماً كما حصل بأفغانستان بعد سقوط النظام المدعوم أمريكياً الذي كان متورطاً بتجارة المخدرات، ومن مصلحة كامل المنطقة أن تستقر سوريا وتتحرر من سلطة الجماعات التي تسيطر على مدن بكاملها لأن هذا الواقع يبقيها مفرخة للإرهاب، ولذا يجب على الدول العربية تقديم الدعم المكثف لسوريا لتتحول من حكم الجماعات إلى حكم الدولة الموحدة، وهذا يتطلب المساعدة بإعادة الإعمار، وتوفير فرص حياة كريمة، لأن كثيرين انضموا إلى الجماعات لأنه العمل الوحيد المتاح لهم للحصول على دخل مادي، ويخشى أن يتكرر سيناريو دعم جماعات منافسة لغاية جعل الحرب الأهلية تستمر وتقويض فرص السلام والاستقرار كما حصل في دول عربية أخرى، ولذا يجب أن يكون هناك موقف عربي حازم ضد كل ما يقوّض جهود السلم والاستقرار.
إقرأ المزيد