إيلاف - 6/9/2025 2:30:54 PM - GMT (+3 )

إيلاف من موسكو: قبضت أجهزة الأمن السوفيتية عام 1985 على المهندس أدولف تولكاشيف، المصمم البارز في معهد أبحاث الدفاع الراديوي.
وكان عميلا استخباراتيا سريا تسببت خيانته في إلحاق أضرار جسيمة بأمن الاتحاد السوفيتي.
وأطلق عليه جهاز الاستخبارات المركزية (CIA) لقب "الجاسوس بمليار دولار"، كما ظلت صورته معلقة لسنوات في المقر الرئيسي للوكالة.
وقد زوّد الجاسوس الأمريكيين بأسرار تقنيات الرادارات المتطورة للطائرات الحربية السوفيتية، وأنظمة الدفاع الجوي والاتصالات، مما وفّر عليهم مليارات الدولارات التي كانوا سيُنفقونها على أبحاث وتطوير هذه التقنيات.
كما كشف النقاب عن نظام التعرف "الصديق-العدو" الذي كانت تستخدمه طائرات القوات الجوية السوفيتية، مما شكّل تهديدا استراتيجيا خطيرا لأمن الدولة السوفيتية.
بادر تولكاشيف بالاتصال مع الاستخبارات الأمريكية عام 1977، إلا أن الوكالة شكّت في أن الأمر قد يكون فخا من جهاز الـ"كي جي بي".
وبعد محاولات متكررة وإصرار منه، نجح عام 1978 في إقناعهم بإرسال وثائق سرية تثبت مصداقيته، ومنحوه الاسم الرمزي "سبهرا" (Sphere).
واعتمد على أساليب مبتكرة في التواصل، مثل:
• إشارات النوافذ كنمط اتصال سري
• اللقاءات الشخصية المباشرة
• تصوير آلاف الوثائق السرية باستخدام كاميرا مصغّرة مخبأة في سلسلة مفاتيح
وخلال 6 سنوات (من 1979 إلى 1985)، نجح في إجراء 21 لقاء سريا مع عملاء الاستخبارات الأمريكية دون أن يُكشف أمره.
وحصل مقابل خدماته على مليوني دولار في حسابات بنكية خارجية، و800 ألف روبل سوفيتي (تم اكتشاف 600 ألف منها عند القبض عليه)
وبالرغم من امتلاك الجاسوس لثروة طائلة - تعادل قيمتها الميزانية السنوية لمدينة سوفيتية متوسطة - إلا أنه ظل عاجزاً عن إنفاقها بسبب مخاوفه الأمنية، إذ أدرك أن أي بذخ قد يفضح أمره.
فقد لازمه توأمان قاتلان طوال السنوات الست: الجشع الذي دفعه للخيانة، والخوف المستمر من الاكتشاف. ولم يتمكن من الاستفادة من أمواله سوى في:
• شراء سيارة "فولغا" (GAZ-24) مستعملة من الجيل الأول
• امتلاك قطعة أرض صغيرة مع كوخ صيفي
• زراعة البطاطس في مزرعته التي تبعد 80 كم عن موسكو
وفي عام 1985، كُشف أمره بسبب خيانة إدوارد لي هوارد، العميل السابق لـ CIA، الذي انتقم من وكالته بكشف معلومات عن "سبهرا" لجهاز الـ KGB. وتم إلقاء القبض عليه في 9 يونيو 1985، حيث اعترف بكافة التهم الموجهة إليه.
وأصدرت المحكمة العسكرية السوفيتية حكما بإعدامه رميا بالرصاص، ونُفذ الحكم في 24 سبتمبر 1986.
أما زوجته "ناتاليا"، فقد حُكم عليها بالسجن ثلاث سنوات بتهمة عدم الإبلاغ عن أنشطته، ثم أُطلق سراحها بعفو عام 1987.
عندما أصيبت بالسرطان وأصبحت على فراش الموت عام 1991، توجهت إلى السفارة الأمريكية طالبة المساعدة، مذكّرة إياهم بأنها زوجة الرجل الذي خدّم المصالح الأمريكية لسنوات.
إلا أن السفارة الأمريكية رفضت طلبها، وردّت عليها بعبارة قاسية: "هناك الكثيرون مثلك، لا نستطيع مساعدة الجميع"، رغم علمهم بوجود ملايين الدولارات في الحسابات السرية لزوجها الراحل. توفيت ناتاليا بعد ذلك بفترة وجيزة، لتسدل الستار على واحدة من أكثر قصص التجسس إثارة في الحرب الباردة.
إقرأ المزيد