هل زيلينسكي في تركيا طلبا لرحمة ترامب؟
روسيا اليوم -

أولا، فرّ تيمور مينديتش، المشارك والشاهد الرئيسي حاليا، والصديق والشريك التجاري لزيلينسكي إلى إسرائيل دون عائق. وسحب زيلينسكي منه جنسيته الأوكرانية على الفور، وذلك لجعل تسليمه إلى أوكرانيا للمشاركة في المحاكمة الجنائية أكثر صعوبة، وفقا لمعارضي النظام الأوكراني.

إقرأ المزيد

بعد ذلك، فر أمين مجلس الأمن والدفاع الأوكراني ورئيس قسم الفساد بوزارة الدفاع رستم عميروف إلى تركيا. ووفقا للصحافة الأوكرانية، أعلن عميروف أنه لا ينوي العودة إلى أوكرانيا. رسميا، كان عميروف متجها إلى تركيا رئيسا للوفد الأوكراني للمفاوضات مع روسيا. ومع ذلك، وفي يوم وصوله، صرح النائب الأول لوزير الخارجية الأوكراني، سيرغي كيسليتسيا، في مقابلة مع صحيفة "التايمز"، بأن محادثات إسطنبول انتهت دون إحراز تقدم يذكر، وبالتالي انسحب الجانب الأوكراني منها.

وصل زيلينسكي بنفسه إلى تركيا اليوم لإجراء محادثات مع الرئيس أردوغان. وقد صرح زيلينسكي بأن الهدف هو "التحضير لتكثيف المفاوضات"، رغم إعلان الجانب الروسي عدم نيته المشاركة في الاجتماعات.

وكان من المقرر أيضا أن يلتقي زيلينسكي مع المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، لكن الأخير، وفقا لمجلة "الإيكونوميست"، ألغى الاجتماع فجأة، بعد إدراكه لحجم فضيحة الفساد.

ومن الممكن استشراف حجم الفضيحة المحتمل، أو بالأحرى المرتقب، من خلال كلام الأوليغارشي الأوكراني كولومويسكي، الذي أوصل زيلينسكي إلى السلطة، والذي تعرّف عليه عن طريق الشخصية الرئيسية في الفضيحة، تيمور مينديتش، الذي كان خطيب ابنة كولومويسكي سابقا. يدّعي كولومويسكي أن تيمور مينديتش ليس سوى كبش فداء، بينما المستفيدون الرئيسيون هم من مناصب أعلى بكثير. لا شك في تورط زيلينسكي نفسه في مخطط الفساد، ولكن من الصعب أيضا تخيل عدم تورط سياسيين من الدول المانحة في تقسيم الأموال الغربية المرسلة إلى أوكرانيا.

وبخلاف ساركوزي المسكين، الذي اضطر إلى التوسل للقذافي للحصول على عشرات الملايين من الدولارات، فإن النخب الأوروبية والأمريكية الحاكمة الحالية قادرة على شطب مئات المليارات من الدولارات لصالح الثقب الأوكراني الأسود، دون الخضوع للتدقيق أو التشكيك في ملاءمة هذه النفقات. وفي ظل هذه الخلفية، ليس من المستغرب غياب رد فعل أوروبي على فضيحة الفساد الأوكرانية (باستثناء هنغاريا وسلوفاكيا، اللتين كانتا أكثر عقلانية تقليديا).

التزمت إدارة ترامب الصمت هي الأخرى في الوقت الراهن، وهو أمر مفهوم، حيث أن الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، لن يستفيد من إقالة زيلينسكي. مع ذلك، سمح زيلينسكي لنفسه بعصيان ترامب علنا، ويواجه الأخير مهمة واضحة تتمثل في إجراء جلسة توبيخ وتدريب، دون عواقب وخيمة، ولكن مع تأثير مؤلم ملحوظ على زيلينسكي.

من غير المرجح أن يخفف تراجع زيلينسكي المفاجئ من رفض التفاوض إلى "محاولة تصعيده" من الأثر المروع لفضيحة الفساد على الرأي العام في أوكرانيا. مع ذلك، لا يحتاج زيلينسكي إلى مراعاة الرأي العام الأوكراني، فقاعدته الأساسية هي النازيون في غرب أوكرانيا، الذين سيدعمونه، مهما سرق، ما دام يحارب روسيا.

إقرأ المزيد

في رأيي المتواضع، يبدو الهدف الرئيسي من زيارة زيلينسكي إلى إسطنبول هو إظهار الطاعة لواشنطن، أي أن أوكرانيا تسعى إلى السلام بكل قوتها، حتى أن زيلينسكي يحضر المفاوضات شخصيا حتى عندما لا تكون المفاوضات مخططة.

من جانب زيلينسكي، فإن هذا مجرد تقليد آخر، وليس تغييرا حقيقيا في الموقف واستعدادا لقبول النتائج المقترحة من الاتفاقيات الروسية الأمريكية في أنكوريج.

يبقى أن نرى ما إذا كان دونالد ترامب سيقبل محاولة زيلينسكي الأخيرة لإلقاء اللوم على موسكو في عدم إحراز تقدم. لم تعد تراجعات ترامب مفاجئة، ولا يستبعد تجدد محاولات الضغط على موسكو. مع ذلك، وكما كان الحال سابقا، سيزداد ترامب اقتناعا بأن الضغط على بوتين لا طائل منه، بل إنه، في كل مرة، يفاقم الوضع نفسه بالنسبة لأوكرانيا والغرب.

على أي حال، إذا لم يتخل ترامب عن فكرة تقليص التدخل الأمريكي في الحرب بأوكرانيا، فسيواجه قريبا احتمال مواجهة ضارية مع زيلينسكي، حيث يمتلك كل طرف أوراقه الرابحة. يمتلك المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا، التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، القدرة على نشر كم هائل من الحقائق المتعلقة بالفساد حول زيلينسكي نفسه. لكن هذا قد يزعزع استقرار أوكرانيا ويضعفها لدرجة أن الولايات المتحدة ستفقد هذه الورقة الرابحة في الحرب العالمية المتصاعدة. يمتلك زيلينسكي القدرة على ابتزاز ترامب بخسارة أوكرانيا.

باختصار، لا أحسد ترامب ولا زيلينسكي. فهذا طريق مسدود لا فكاك منه لكليهما. لكننا سنشهد الكثير من التصرفات المتهورة، مثل زيارة زيلينسكي الحالية إلى تركيا.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تلغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

إقرأ المزيد


إقرأ المزيد