إيلاف - 11/21/2025 9:08:43 AM - GMT (+3 )
بدأ العالم يلتفت قبل أن تنطلق زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، وكأن العواصم كانت تلتقط إشارات مبكرة لحضور استثنائي يسبق تفاصيل الحدث في الولايات المتحدة . ومنذ اللحظة الأولى، كان واضحًا أن حديث واشنطن يتجاوز الجداول الرسمية، ليتجه نحو ثقل دولة تتحرك بثقة وتمنح المشهد الدولي إيقاعًا مختلفًا من المتابعة والترقب.
لم تكن الزيارة خطوة عادية في مسار العلاقات، بل محطة تؤكد اتساع الدور الذي تقدمه المملكة في مرحلة تعاد فيها صياغة أولويات العالم. الملفات التي نوقشت كانت من النوع الذي يشكل مستقبل الاقتصاد والتقنية والطاقة، ويؤسس لشراكات تمتد لسنوات قادمة، بناءً على رؤية واضحة ومسار تنموي متماسك.
في المحادثات، حضرت الموضوعات الكبرى التي تتصدر المشهد الدولي اليوم: الذكاء الاصطناعي، الصناعات المتقدمة، أمن الطاقة بمفهومه الحديث، المعادن الاستراتيجية، والشبكات الاقتصادية التي تربط آسيا بأوروبا وأميركا. هذه الملفات لم تطرح باعتبارها رد فعل لظرف دولي، بل باعتبارها امتدادًا لسياسة تتقدم بها المملكة بخطوات محسوبة نحو المستقبل.
هيبة الحضور ظهرت في وضوح الموقف، وفي استقرار لغة المملكة، وفي قدرتها على إدارة الملفات الثقيلة بثقة لا تحتاج إلى مبالغة. لم يكن التركيز على شكل الزيارة، بل على مضمونها ومآلاتها، وعلى بناء شراكات تستند إلى المصالح العميقة لا اللحظة العابرة. وجاء مستوى الحضور الأميركي ليعكس إدراكًا واضحًا لمكانة المملكة ودورها في ضبط التوازنات الاقتصادية والسياسية في المنطقة والعالم.
أما المتابعة الدولية الواسعة، فكانت مؤشرًا إضافيًا إلى أن الزيارة خرجت من نطاق العلاقات الثنائية إلى مساحة أوسع، حيث تقرأ بوصفها جزءًا من حركة عالمية تتشكل، وموقعًا تتقدم فيه المملكة باعتبارها قوة استقرار ورؤية ومبادرة.
وانعكس هذا الحضور كذلك على الملف السوداني، الذي طرح بوضوح خلال الزيارة باعتباره جزءًا من رؤية المملكة لاستقرار محيطها العربي. فقد أشار الرئيس الأميركي إلى أن التحرك الفوري الذي اتخذته واشنطن تجاه السودان جاء استجابة مباشرة لطلب سمو ولي العهد، مؤكدًا أن الجهد الأميركي “بدأ خلال نصف ساعة” من ذلك الطلب. هذا التصريح كشف الوزن السياسي للمملكة في توجيه الاهتمام الدولي نحو أزمة تعد من أعقد أزمات المنطقة اليوم، وأبرز كيف تتحرك الرياض بثقة لإعادة السودان إلى مسار الاستقرار من خلال مبادرات تستند إلى مسؤولية عربية وإقليمية واضحة، وتنسجم مع دورها في دعم الحلول السياسية في القضايا الكبرى من سوريا إلى فلسطين.
بهذا المعنى، لم تكن واشنطن مجرد محطة سياسية، بل مساحة تتجلى فيها قوة المملكة وهيبتها، من دون ضجيج أو مقارنة، بل بحضور ثابت يترك أثره في اتجاهات السياسة الدولية ومسارات الاقتصاد العالمي.
إقرأ المزيد


