إيلاف - 6/25/2025 1:08:07 PM - GMT (+3 )


إيلاف من أمستردام: عن دار مخطوطات في (لاهاي- هولندا) صدر كتاب (محاذاة الغريم.. ثلاث رحلات الى إيران) للشاعر والكاتب العراقي عبد الرحمن الماجدي.
ينقسم الكتاب لثلاثة فصول: أرض الدهاقين، هوادج زاجروس و وحيداً في شيراز. وهي رحلات قام بها الكاتب الى مدن إيران: طهران، إصفهان، قم، شيراز، مشهد وعبادان، تكررت وامتدت للفترة من 2009 الى 2019.
من مقدمة الكتاب:
كانت أمنية العبور الى إيران حلماً سريّا بعيد المنال، يراودني مع عددٍ من الأصدقاء، لسنواتٍ، لم تنجح محاولاتنا لبلوغه، بعد أن باءت بالفشل، أو وُئدت في مهدها، لدى آخرين.
كنّا نرسمُ أحلامنا تجاه هذا الجار الشرقيّ، والعدو الحربيّ، طوال ثمان سنواتٍ 1980-1988، طريقاً يستحقّ العناءَ والمجازفةَ، وصولاً الى باحةِ الحريّةِ الكبيرةِ في أوروبا، هرباً من قبضةِ النظامِ الديكتاتوري، ومن وحشيّةِ الحرب، وسوقنا لها في الخدمة العسكرية الإلزامية، التي كانت النهاية الحتمية لانتهاء الدراسة الجامعيّة. لكني نجوت من تلك الحرب، بتأخير تخرجي عاماً في المرحلة الرابعة، متعمّداً، فحلّت نهايتها قبل السوق الذليل، بعامٍ واحدٍ، لخدمة العلم.
حتى بعد انتهاء الحرب، لم يغب عن أحاديثنا، بين دائرة الأصدقاء الخلّص، حلم الهرب إلى إيران، لكن ما أن يقترب موعده حتى يتراجع، أمّا بتردّدنا وخوفنا من القاء القبض علينا، أو بسبب اتّضاح عدم جديّة، أو شكّ، من نتوسّم فيه المساعدة من الأصدقاء الكورد، حيث كان الشمال العراقي، خاصة محافظة السليمانية القريبة من الحدود الإيرانية، الطريق الذي يسلكه أكثر من يعبر هارباً من العراق، وأقليّة منهم تسلك طريق الجنوب الأكثر خطراً. عدد كبير من الشباب العراقيّين اختفى على طريق العبور الى إيران، أو أعيد بعضهم مخفوراً، بينهم صديقنا سليم، وشقيقه جمعة، اللّذان سلمتهما إيران الى الجانب العراقيّ، لينقذهما، من حكم الإعدام، إصرارُهما أنّهما تاجرا حليٍّ ذهبيّةٍ، أغرتهما إشاعاتُ الغنى السريع بشراء الذهب في المناطق الحدوديّة من محافظة ميسان الجنوبية، والقرى الإيرانية الحدودية! مكثا في السجن شهوراً، ليطلق سراحهما بعفوٍ عن السجناء غير السياسيّين. وقبلهما ابن خالتي فالح، الذي ادّعى الجنون، ومكثَ ما يقارب سنةً، في مستشفى الأمراض العقليّة، لتقرّر إحدى لجانها عدم مسؤوليته عن تصرفاته، فتخلّص من الإعدام الذي، كان محتّماً، بسبب محاولته الفرار، كجنديٍّ، الى أرض العدوّ، عبر حدود محافظة السليمانية الشمالية الى إيران، فتبددّت أحلامه، في الوصول الى أوربا، التي كان يحدثني عنها، وهو الحالم دائماً، منذ دراسته الجامعية للأدب الإنكليزيّ في جامعة بغداد. وانتهى به المطاف موظفاً في دائرة البريد العامة، تعرض خلالها لسكتةٍ قلبية، رافقته أنا مدة أسبوعين في مستشفى الكندي ببغداد، كنتُ أعينه على تبعاتها. قال إنه ستعامل مع قلبه، منذ الآن، كقدح زجاجي رقيق. هذا القلب الزجاجي خذله في الطريق الى عمله على رأس شارعهم، فمات بحسرته المكتومة.
لكن ما فشل فيه فالح وسليم، حقّقه ماجد الذي كان زميلاً في كليّتنا بجامعة بغداد، من سكّان محافظة بابل، اختفى فجأةً عام 1988 ليسري همسٌ، بعد شهرين، أنّه وصل إيران بصحبة صديق كرديٍّ من ذات الكليّة".
يقع الكتاب في 284 صفحة من القطع المتوسط، وصمّم غلافه الفنان ناصر مؤنس. يحتفظ النص بجماليات السرد الشخصي، ويُدرج في إطار أدب الرحلة بتقنية حديثة تمزج بين التوثيق الذاتي والتأمل في ما مضى.
"محاذاة الغريم" ليس مجرّد توثيق لزيارات ميدانية، بل أقرب إلى وقفة داخل الذات العراقية المعاصرة، أمام مرآة الجغرافيا السياسية، والتاريخ الحي، والانكسارات الفردية.
عن المؤلف
عبد الرحمن الماجدي، شاعر وكاتب عراقي، أصدر منذ عام 2001 عدة كتب في مجالات الشعر، الرواية، الترجمة، والأنطولوجيا، ويُعد من الأسماء التي أسهمت في تحديث خطاب الرحلة عربياً، عبر مزج التجربة الشخصية بالتحليل الثقافي.
إقرأ المزيد