مشهد مرعب.. فطر يخرج من رأس نملة وذبابة داخل كهرمان متحجر
س-ن-ن بالعربية -

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- حفَظَت قطعة من الكهرمان تعود لـ99 مليون سنة، ذبابة قديمة في مشهدية أشبه بفيلم رعب.. إذ تبرز من رأسها بنية فطرية شبيهة بفطر "الزومبي".

هذه الحشرة، إلى جانب عيّنة ثانية لنملة صغيرة مصابة بفطر مشابه، تُعدّان من أقدم الأمثلة المعروفة كظاهرة طبيعية غريبة، تقوم خلالها الطفيليات الفطرية بالسيطرة على أجسام العوائل قبل قتلها في نهاية المطاف.

وقال يوهوي تشوانغ، طالب دكتوراه بمعهد علم الأحافير في جامعة يوننان بجنوب غرب الصين: "الكهرمان يتيح لنا فرصة رؤية العلاقات البيئية القديمة المحفوظة في الأحافير". 

وأضاف تشوانغ، المؤلف الرئيسي لدراسة حول هذه الحفريات، نُشرت بمجلة Proceedings of the Royal Society B: Biological Sciences في 11 يونيو/ تموز: "بشكل عام، تُعد هاتان الحفريتان نادرتين جدًا، على الأقل بين عشرات آلاف عينات الكهرمان التي رأيناها، وقليل فقط منها حفظ العلاقة التبادلية بين الفطريات والحشرات".

قد يهمك أيضاً

أطلق تشوانغ وزملاؤه أسماء على نوعين جديدين من الفطريات القديمة من جنس Ophiocordyceps، استنادًا إلى دراستهم هذه العينات من الكهرمان، حيث استخدموا مجاهر ضوئية لفحص القطع الصغيرة، وتقنية التصوير المقطعي المحوسب المصغر لإنشاء صور ثلاثية البعد للحشرات المصابة بالفطر.

وقد وجدوا الأول، الذي أطلقوا عليه اسم Paleoophiocordyceps gerontoformicae، على النملة، والثاني Paleoophiocordyceps ironomyiae، على الذبابة.

بعض أنواع فطر Ophiocordyceps التي تفترس النمل في الوقت الحاضر تُعرف باسم "فطر النمل الزومبي"، لأن الفطر الطفيلي يمكنه التلاعب بسلوك العائل لصالحه.

قال تشوانغ لـCNN، إنّ "اكتشاف هاتين الحفريتين يُشير إلى أنّ النُّظم البيئية الأرضية كانت معقّدة بالفعل في ذلك الوقت، وأنّ فطريات الأوفيوكورديسيبس تحديدًا ربما بدأت العمل كـ’مفترسات‘ للحشرات خلال العصر الطباشيري، الأمر الذي ساعد على تنظيم أعداد مجموعات معينة منها". 

فطريات

نملة مصابة بفطر طفيلي محاصرة داخل كهرمان عمره 99 مليون سنة. Credit: Nanjing Institute of Geology and Palaeontology, Chinese Academy of Sciences/NIGPAS
فطريات الزومبي: بين الماضي والحاضر

في وقتنا الحالي، تُصيب الفطريات الطفيلية، المعروفة أيضًا باسم "الفطريات الممرِضة للحشرات"، مجموعة واسعة من الحشرات، تشمل النمل، والذباب، والعناكب، والزيز، والخنافس، وفق متحف التاريخ الطبيعي في لندن.

وفي حالة نمل الحطّابين، يحط جسيم فطر Ophiocordyceps على رأس النملة، ويدخل دماغها عبر نقطة ضعف في الهيكل الخارجي للحشرة، ثم تسيطر على سلوكها لتسهيل انتشار الفطر، كما أوضح كونراد لابانديرا، كبير العلماء وأمين حفريات المفصليات في متحف سميثسونيان للتاريخ الطبيعي بواشنطن العاصمة، غير المشارك في الدراسة.

ويرجّح لابانديرا أنّ فطر Paleoophiocordyceps القديم كان "يحوّل" عوائله إلى كائنات زومبي بطريقة مماثلة.

وقال لابانديرا: "يبدو أن النمل، لسبب ما، كان من أوائل أهداف عملية الزومَبة، ولا يزال حتى اليوم العائل الأساسي لهذا الفطر الطفيلي. أما الذباب، فنادرًا ما يتأثر بهذه الفطريات، ما يجعل العثور على عينة متحجرة أمرًا مثيرًا للاهتمام تحديدًا".

قد يهمك أيضاً

وقال جواو أراوجو، المؤلف المشارك في الدراسة، وأمين علم الفطريات، والأستاذ المساعد بمتحف التاريخ الطبيعي في الدنمارك، إن نوع الفطر الذي أصاب النملة في عصور ما قبل التاريخ قد يكون سلف فطريات الزومبي المعروفة اليوم، ويرجّح أنه كان يتحكم بجسد عائله بذات الطريقة.

وأضاف أن هناك عددًا قليلًا جدًا من عينات الفطريات الطفيلية القديمة اكتُشفت، لذا المعلومات المتوفرة حول تطورها ما زالت قليلة.

وأشار آراوجو إلى أن الحشرتين المتحجرتين قُتِلتا على الأرجح بواسطة الفطريات قبل أن تُحتجزا في الراتينج اللزج للأشجار، الذي تحوّل لاحقًا إلى كهرمان، موضحًا أن معظم الفطريات الممرِضة للحشرات تقتل العائل من أجل إنتاج الجسم المثمر.

وقال فيل باردن، أستاذ مساعد بقسم العلوم البيولوجية في معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا، الذي عمل على حفريات الكهرمان، وغير المشارك في الدراسة الجديدة: "لقد لعب تنوع هذه الطفيليات القديمة دورًا كبيرًا في تشكيل الكوكب الذي نعيش عليه اليوم".

وأضاف في حديثه مع CNN: "حتى ونحن نكتشف تنوعًا مذهلًا من الكائنات المحنطة في الكهرمان، يجب أن نتذكر أننا لا نرى سوى لمحة صغيرة جدًا من العالم القديم. فعند النظر إلى أي نملة أو خنفساء متحجرة، يمكننا أن نتخيل عدد الطفيليات والفطريات والبكتيريا التي كانت تعيش عليها".

فطريات

عنكبوت قُتل بواسطة فطر طفيلي ممرض للحشرات. Credit: Anton Sorokin/Alamy Stock Photo

قال إدموند يارزيمبوفسكي، الأستاذ والباحث المساعد في متحف التاريخ الطبيعي بلندن، وأحد المشاركين في إعداد الدراسة: "كان من الرائع رؤية أنّ بعض الغرابة الموجودة في العالم الطبيعي اليوم كانت حاضرة أيضًا في ذروة عصر الديناصورات".

وتُعد هذه الحفرية الأحدث ضمن الاكتشافات المستخرجة من حقول الكهرمان الغنية في ميانمار.

ورغم أن حفريات الكهرمان كانت بين أكثر الاكتشافات إثارة بعلم الحفريات خلال السنوات الأخيرة، إلا أن مخاوف أخلاقية بدأت تظهر بشأن مصدر الكهرمان الآتي من منطقة تشهد حربًا أهلية.

وأوضح تشوانغ أنّ الحفريات تم الحصول عليها من أسواق الكهرمان في ميانمار. وأشارت الدراسة إلى أن العينات تم اقتناؤها قبل العام 2017، وبحسب ما هو معروف للمؤلفين، لم تكن مرتبطة بأي صراع مسلح أو توترات عرقية.



إقرأ المزيد