س-ن-ن بالعربية - 8/20/2025 4:36:06 PM - GMT (+3 )

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- فشلت المحادثات الهادفة إلى إبرام أول معاهدة عالمية للحد من التلوث البلاستيكي في جنيف، سويسرا، الجمعة، بعدما ظلّت الدول منقسمة بشدة لجهة كيفية التعامل مع الأزمة.
وقد عُقدت القمة في مقر الأمم المتحدة، بحضور مندوبين من أكثر من 180 دولة. أكثر من 100 دولة دعت إلى فرض قيود ملزمة قانونيًا على إنتاج البلاستيك، كما طالبت العديد منها باتخاذ إجراءات للتعامل مع المواد الكيميائية السامة في المنتجات البلاستيكية.
لكن دولًا منتجة للنفط والغاز مثل السعودية وروسيا، عارضت بشدة هذه التوجهات، ودعت إلى أن تركّز المعاهدة بشكل أكبر على التدوير، وإعادة الاستخدام، وإعادة التصميم، عوض فرض قيود على الإنتاج أو التخلص التدريجي من المواد الكيميائية.
قدّم رئيس لجنة التفاوض مسودة للمعاهدة في الساعات الأولى من صباح الجمعة، لكن المندوبين لم يتفقوا على اعتمادها كأساس لمواصلة النقاشات، ما ترك العملية بلا مسار واضح للمضي قدمًا.
وقالت سارة بولش، مسؤولة أولى في مؤسسة "بيو تشاريتابل تراستس": "بتفويتهم موعدًا نهائيًا آخر لمواجهة أزمة التلوث البلاستيكي المتصاعدة، فإن الدول تُعرّض صحة البشر والكوكب للخطر".
ففي العام 2022، اتفقت الدول على التفاوض بشأن معاهدة ملزمة قانونًا للحد من التلوث البلاستيكي، بهدف معالجة دورة حياة البلاستيك كاملة، من كيفية إنتاجه إلى ما يحدث له بعد التخلص منه.
وقد مثّلت مفاوضات جنيف الجولة السادسة من النقاشات، وكان يفترض أن تُختتم العملية في كوريا الجنوبية في ديسمبر/ كانون الأول المقبل. لكن المحادثات فشلت في الغالب، بسبب الخلاف حول مسألة خفض الإنتاج.
انتاج البلاستيك يرتفعقد شهد إنتاج البلاستيك ارتفاعًا كبيرًا خلال العقود الماضية، خصوصًا ضمن فئة البلاستيك المستخدم لمرة واحدة. ويُنتج العالم حاليًا نحو 460 مليون طن متري سنويًا، ويمكن أن يرتفع هذا الرقم بنسبة 70% بحلول العام 2040، في حال عدم اتخاذ سياسات أكثر صرامة، وفقًا لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
ولا يُعاد تدوير سوى جزء ضئيل جدًا من البلاستيك، أقل من 10% عالميًا، في حين ينتهي الباقي إما بالحرق، أو في مكبّات النفايات، أو في الأنهار والمحيطات حيث يخنق الحياة البحرية.
ومع تحلّل البلاستيك، يتفكك إلى جزيئات دقيقة تُعرف بالميكروبلاستيك، لا يتجاوز حجمها 5 مليمترات. وعثر على هذه الجزيئات في الهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه، وفي أنوفنا، وأدمغتنا، وحتى في الخصيتين.
وتُظهر دراسات علمية عديدة وكبيرة أنّ التعرّض للبلاستيك يؤثّر على الإنسان طوال مراحل حياته، من الرحم حتى الشيخوخة. وقد تم ربط المواد الكيميائية السامة الموجودة في البلاستيك بمجموعة واسعة من الآثار الصحية السلبية، من بينها: السُمنة، وأمراض القلب، والسرطان، والربو، ومشكلات في الإنجاب.
ولا يُعدّ البلاستيك مشكلة صحية وبيئية فحسب، بل مشكلة مناخية كبرى أيضًا، إذ أنّ الغالبية العظمى من البلاستيك تُنتج من الوقود الأحفوري، وتُطلق انبعاثات ملوثة تسهم في ارتفاع حرارة الكوكب طوال دورة حياته، من الإنتاج إلى التخلص النهائي منه.
رغم وجود إجماع واسع على ضرورة التصدي لأزمة البلاستيك، إلا أن الخلافات كانت حادّة حول الكيفية.
وتتمحور النقاط الخلافية الرئيسية حول ما إذا كان ينبغي على المعاهدة أن تتناول إنتاج البلاستيك من المصدر، وتفرض قيودًا على كمية البلاستيك الجديد التي تُنتج.
وترى العديد من الدول والشركات المنتجة للبتروكيماويات أن البلاستيك عنصر أساسي في اقتصاداتها وأرباحها، لا سيما في ظل التوجّه العالمي نحو التخلّي عن الطاقة الأحفورية والانتقال إلى الطاقة المتجددة.
ويشير هؤلاء إلى الدور الحيوي للبلاستيك في المجتمع، من الأدوات الطبية إلى تغليف الأغذية، ويدفعون باتجاه تركيز الجهود على مرحلة ما بعد الاستخدام عوض الحد من الإنتاج.
وقال ماركو مينسينك من المجلس الدولي لجمعيات الكيمياء، إن المصنعين لا يزالون "ملتزمين بدعم معاهدة تحافظ على بقاء البلاستيك في الاقتصاد وبعيدًا عن البيئة من خلال تعزيز الاقتصاد الدائري، بتصميم منتجات قابلة لإعادة الاستخدام وإعادة التدوير، وجمعها بعد استهلاكها، وتحويلها إلى منتجات جديدة".
لكن العديد من الدول والنشطاء يؤكدون أنّ الأزمة لا يمكن حلها من دون معالجة الزيادة الهائلة في استهلاك البلاستيك، وأن معدلات التدوير ظلت منخفضة على مدار عقود.
وقال غراهام فوربس، مسؤول حملة البلاستيك العالمية في منظمة غرينبيس الولايات المتحدة: "الغالبية العظمى من الحكومات كانت تطمح لاتفاق قوي، لكن سُمح لقلة معرقِلة بأن تستخدم العملية لإفشال هذا الطموح.".
إما إيرين سيمون، رئيسة قسم النفايات البلاستيكية والأعمال في منظمة WWF البيئية غير الربحية، فاعتبرت أن المغادرة من جنيف من دون إحراز تقدم ملموس كانت "خيبة أمل كبيرة".
وأضافت: "هذا الانهيار في المفاوضات يعني أن أزمة البلاستيك ستستمر من دون رقابة، بينما ينتظر العالم الإجراءات العاجلة التي يحتاجها بشدة".
أداء فردي مستداموفي حين يبذل الكثير من الأشخاص جهودًا للتحوّل إلى استخدام أكياس التسوّق، وزجاجات المياه، والشفاطات القابلة لإعادة الاستخدام، هناك العديد من الطرق الأخرى لجعل الحياة أكثر صداقة للبيئة، من المطبخ إلى الحمّام.
إليك بعض الأفكار التي يمكن أن تساعدك على تقليل استخدام البلاستيك في حياتك اليومية.
حفلات أكثر صداقة للبيئةالسعي للحد من اعتماد البلاستيك أحادي الاستخدام في الحفلات والاستعاضة عنه بأكواب وأطباق وأوعية قابلة لإعادة الاستخدام. أما بالنسبة للهدايا فثمة اتجاه نحو اعتماد أقمشة قابلة لإعادة الاستخدام بدلًا من ورق التغليف الذي قد يحتوي على البلاستيك، أو تقديم الهدايا على شكل تجارب أو قسائم شرائية.
منتجات نظافة أكثر صداقة للبيئةوفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، يتم إرسال 300 ألف حفاضة تستخدم لمرة واحدة إلى مقالب النفايات حول العالم كل دقيقة. وتحتوي الحفاضات على بوليمرات بلاستيكية مثل البولي بروبيلين والبولي إيثيلين للمساعدة في الامتصاص ومنع التسرّب. وتشير بعض التقديرات إلى أن الحفاضة الواحدة قد تستغرق 400 عام لتتحلل.
وتقدّم بعض العلامات التجارية حفاضات تحتوي على نسبة أقل من البلاستيك، لكنها لا تزال تطلق غاز الميثان المسبب للاحتباس الحراري عند تحللها في مقالب النفايات، وفي حين أن الحفاضات القابلة للغسل تُعتبر خيارًا بديلًا، إلا أن لها تكلفتها البيئية الخاصة، منها استهلاك المياه والطاقة أثناء غسلها وتجفيفها.
لذا ربما على الأهل التفكير خارج الصندوق وتدريب الأطفال على استخدام الحمام في سن مبكرة كخيار أكثر صداقة للبيئة.
وثمة مشاكل بيئية مشابهة تتعلق بالسدادات القطنية والفوط الصحية النسائية. وهناك دعوة إلى استخدام منتجات الحيض القابلة لإعادة الاستخدام مثل الملابس الداخلية الخاصة بالدورة الشهرية، والأكواب الحيضية، بالإضافة إلى أدوات إدخال التامبون القابلة لإعادة الاستخدام.
إطلاق العنان للإبداع في المطبختشكّل مواد التغليف نحو 40% من نفايات البلاستيك على الكوكب. لذا توضح بهافنا ميدها، الباحثة الكبيرة في معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا والمتخصصة في الاستهلاك المستدام، أن إعادة التفكير بأمور مثل إحضار الطعام المنزلي إلى العمل أو المدرسة عوض الاعتماد على ألواح الغرانولا المغلّفة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على البيئة والصحة.
ولفتت إلى اعتقادها بأن التغيير الثقافي في كيفية استخدام البلاستيك هو ما نحتاج إليه، بدلاً من تحميل المستهلكين وحدهم المسؤولية.
إقرأ المزيد