"العالم يواجه الانقراض الجماعي السادس".. وبحث جديد ينفي ذلك
س-ن-ن بالعربية -

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قضى البشر على أكثر من 100 نوع، مع تصنيف العديد من الأنواع الأخرى على حافة الانقراض، أو تعاني من تراجع كبير في أعدادها.

وكان تصريح لبعض العلماء مفاده بأننا دخلنا في "الانقراض الجماعي السادس"، وبأنه حدث مماثل لمرحلة القضاء الديناصورات قبل 66 مليون سنة، أثار الكثير من الجدل. لكن هذه المرة، الجاني هو الإبادة البيولوجية التي يتسبّب بها البشر، وليس كويكب بحجم مدينة.

إلا أنّ دراسة جديدة نُشرت في مجلة PLOS Biology، الخميس، أشارت إلى أنه في حين يعتبر التراجع في التنوع البيولوجي أمرًا حقيقيًا، فإن الحشرات والنباتات والحيوانات لا تختفي بمعدلات تقارب الانقراض الجماعي، وهو ظاهرة تُعرف عادة بفقدان 75% من جميع الأنواع خلال فترة جيولوجية من الزمن. 

وقد حدثت خمسة انقراضات جماعية فقط خلال تاريخ الأرض الذي يمتد لأكثر من 4.5 مليار سنة.

قد يهمك أيضاً

تؤكد الدراسة أنّ الانقراضات الحديثة لمجموعات من النباتات والحيوانات نادرة وغالبًا ما تكون محصورة في المواطن الجزرية. إلى ذلك، قد تكون معدلات الانقراض تشهد تباطؤًا، ومردّ ذلك جزئيًا إلى تكثيف جهود الحفظ، لا سيما بالنسبة للثدييات والطيور.

وأكد جون وينز، مؤلف الدراسة وأستاذ علم البيئة وعلم الأحياء التطوري في جامعة أريزونا "نقطة مهمة، تتمثّل بأنّ كلًّا من هذه الانقراضات تُعد مأساة، ولم يكن ينبغي أن تحدث أبدًا، ويجب ألا تتكرّر مستقبلًا". 

الانقراض السادس

تصور فني من القرن التاسع عشر لحيوان بحر ستيلر (Hydrodamalis gigas)، وهو من الثدييات المائية المنقرضة.Credit: Universal History Archive/Universal Images Group/Getty Images
معظم حالات الانقراض بين الطيور والثدييات

استند التحليل الذي أجراه وينز وكريستين سابان، المشاركة في التأليف، وهي طالبة دراسات عليا في جامعة هارفارد، إلى تقييم 163,022 نوعًا من النباتات والحيوانات من قبل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة. وقد ركز التحليل على الانقراضات على مستوى الجنس (الجينوس) منذ العام 1500.

والجنس هو تصنيف بيولوجي يجمع بين أنواع مختلفة لكن متّصلة ببعضها. على سبيل المثال، يشمل الجنس Canis الذئاب، والكلاب، والذئاب البرية (كويوتي)، والابنوس. إلا أنه يمكن أن يكون الجنس أيضًا أحادي النوع، إذ يحتوي على نوع واحد فقط وفريد مثل الحوت الكاشط (الناروال)، أو شجرة الجنكة، أو خلد الماء.

وأوضح وينز أنه وسابان قرّرا إجراء تحليل على مستوى الجنس لأنه يرجّح أن يمثّل تاريخًا تطوريًا أوسع من تحليل على مستوى النوع.

قد يهمك أيضاً

وجدت الدراسة أن 102 من الأجناس قد انقرضت خلال الـ500 عام الماضية، منها 90 جنسًا حيوانيًا و12 جنسًا نباتيًا. بالإضافة إلى ذلك، تمّ تسجيل انقراضات في فئتين أوسع ضمن نظام التصنيف العلمي للكائنات الحية: 10 عائلات، تضم أجناسًا متقاربة، ورتبتان، وهما مجموعتان تضمان عائلات ذات صلة.

الأجناس التي انقرضت خلال الـ500 عام الماضية شملت الدودو (Raphus)، وحيوان البحر (Hydrodamalis)، وCylindraspis، وهي مجموعة من السلاحف العملاقة المنقرضة حديثًا التي كانت تعيش في موريشيوس والجزر القريبة. كما شملت الفروع المنقرضة الأخرى لشجرة الحياة طيور العسل الهاوائية من عائلة Mohoidae، ورتبة Dinornithormes التي تضم طيورًا عملاقة غير قادرة على الطيران مثل طيور المواس في نيوزيلندا.

غالبية الانقراضات في الجزر

وأقرّت الدراسة ببعض القيود المهمة في البحث، أبرزها احتمال وجود العديد من الأجناس المنقرضة التي لم يدرجها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، وهذه المشكلة قد تُلحظ خصوصًا لدى الحشرات، إذ تم تحديد عدد قليل نسبيًا من الأجناس، رغم احتوائها على حوالي نصف جميع الأنواع المعروفة.

وأشارت الدراسة إلى أنّ الغالبية العظمى من هذه الانقراضات حدثت بين الثدييات (21 جنسًا) والطيور (37 جنسًا)، وتمثّل ما مجموعه 179 نوعًا.

وبحسب الدراسة، فإن هذا المعدل يجعل الانقراضات نادرة، إذ تمثّل فقط نسبة 0.45% من 22,760 جنسًا تم تقييمها من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.

الانقراض السادس

رسم توضيحي من العام 1910 لطائر المواس، Dinornis novaezealandiae، وهو طائر عملاق منقرض عاش في نيوزيلندا.Credit: Florilegius/Universal Images Group/Getty Images

كما وجد التحليل أنّ غالبية حالات الانقراض حدثت بين الأجناس التي تعيش حصريًا على الجزر. فمعظم حالات انقراض الطيور تمت في جزر ماسكارين، وهاواي، ونيوزيلندا، بحسب الدراسة.

فبيئات الجزر تكون عرضة تحديدًا للأنواع الغازية التي غالبًا ما يجلبها المستوطنون البشريون، وفق وينز، وهذه ليست بالضرورة مؤشرًا على خطر انقراض أوسع نطاقًا. ومن المدهش أن التحليل أشار أيضًا إلى أن معدلات انقراض الأجناس على هذا المستوى بدأت بالتراجع على ما يبدو، إذ سُجلت أسرع معدلات انقراض في عقود 1870 و1890 و1900.

قد يهمك أيضاً

وأفاد وينز في بيان: "عوض ذلك، وجدنا أن انقراض الأجناس نادر جدًا بين النباتات والحيوانات، وأنها كانت في الغالب لأجناس موجودة فقط على الجزر، وأن هذه الانقراضات فعليًا تباطأت خلال المئة عام الماضية بدلًا من التراجع السريع". 

تتعارض هذه النتائج مع دراسة أجريت في العام 2023، استندت إلى 5400 جنس من الحيوانات الفقارية، ووجدت أن معدلات انقراض الأجناس "تتسارع بسرعة"، وادعت أننا "في الحدث السادس للانقراض الجماعي".

لكنّ تلك الدراسة ركزت على 5400 جنس من الحيوانات الفقارية فقط واستبعدت الأسماك والحشرات والنباتات، معتمدة على جزء صغير فقط من الحياة على هذا الكوكب، وفق وينز.

قد يهمك أيضاً

وقال مؤلفا تلك الدراسة، جيراردو سيبالوس، الباحث الأول بمعهد البيئة في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، وبول إيرليش،الأستاذ الفخري في دراسات السكان بمنصب Bing في جامعة ستانفورد، إنهما تبنيا فرضية الانقراض الجماعي السادس لأن تحليلهما لبيانات التنوع البيولوجي الحالية أشار إلى أن الأرض تفقد الأنواع والأجناس بمعدلات أعلى بكثير من أي وقت مضى خلال المليون سنة الماضية.

وقال الإثنان لـCNN: "آلاف الأنواع التي فُقدت في القرن الماضي كانت ستستغرق آلاف السنين للانقراض في الظروف العادية. هذه الاتجاهات عامة وتشمل جميع الكائنات الحية، ضمنًا الفقاريات واللافقاريات والنباتات والفطريات والميكروبات". 

وأضافا: "مفهوم الانقراض الجماعي السادس وأزمة التنوع البيولوجي مرتبطان علميًا". 



إقرأ المزيد