س-ن-ن بالعربية - 9/13/2025 11:18:05 AM - GMT (+3 )


دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يواصل العلماء إحراز تقدّم في أبحاثهم حول مدى كفاءة أداء أعضاء الخنازير المزروعة في أجسام البشر، وباتوا الآن مستعدين للخطوة التالية: تجارب سريرية أوسع نطاقًا.
فقد أفادت شركة eGenesis، إحدى شركات التكنولوجيا الحيوية التي تطوّر خنازير معدّلة جينيًا تُزرع أعضاؤها في البشر، الإثنين، إنّ إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) قد منحت "الضوء الأخضر" لإجراء تجارب بشرية باستخدام كِلى مأخوذة من خنازيرها.
وعلّق بول كونواي، رئيس السياسات والشؤون العالمية في الجمعية الأمريكية لمرضى الكِلى، أكبر منظمة تمثيلية لمرضى الكلى في البلاد، على الأمر بـ"أنها فترة مليئة بالتفاؤل".
وتمّ تعديل خنازير شركة eGenesis وراثيًا كي تصبح أعضاؤها أكثر توافقًا مع أجسام البشر. ويتمثّل العنصر الأساسي في هذا الجهد بواسطة أداة تُعرف باسم CRISPR، قوامها حذف الجين المسؤول عن كربوهيدرات يُعرف باسم "ألفا غال" (alpha gal). ففي حال وجود هذه المادة، يرفض جسم الإنسان عضو الخنزير بشكل شبه فوري.
قد يهمك أيضاً
تم تنفيذ عدد قليل من هذه الإجراءات، التي تُعرف باسم زراعة الأعضاء بين الأنواع (xenotransplants)، في الولايات المتحدة، ضمنًا زراعة كِلى من خنازير في مركز NYU Langone، وزراعة قلوب خنازير بكلّية الطب في جامعة ماريلاند.
والمرضى المختارون استنفدوا جميع الخيارات الأخرى المتاحة لهم، وتمت عمليات الزرع ليس من خلال تجارب سريرية تقليدية، بل بموجب قواعد خاصة تسمح بالاستخدام الرحيم للعلاجات التجريبية لدى الأشخاص الذين يمرون بظروف صحية حرجة للغاية.
ثالث عملية تجريبيةوأعلن الأطباء في مستشفى ماساتشوستس العام، الإثنين، ثالث عملية تجريبية لزراعة كلية خنزير في المتلقي، بيل ستيوارت، الذي خضع للعملية في 14 يونيو/حزيران. ومنذ ذلك الحين عاد إلى منزله، بل وذهب إلى عمله مجددًا.
قال ستيوارت، البالغ من العمر 54 عامًا والمقيم في دوفر، نيوهامبشير:"قلة قليلة فقط منّا خضعوا لمثل هذه العملية، وهم يكتبون بروتوكول العلاج وفق تطوّرنا الصحي، إن صحّ التعبير. لكنّي أشعر أنّني بحالة جيدة".
كان لدى ستيوارت تاريخ عائلي من ارتفاع ضغط الدم، ورغم أنه كان يتمتّع بنشاط نوعًا ما، إلا أنه عانى من ارتفاع الضغط معظم سنوات حياته البالغة.
ويُعد ارتفاع ضغط الدم من العوامل التي يمكن أن تضيّق الأوعية الدموية المحيطة بالكلى، وتقلّل من قدرتها على العمل بكفاءة.
وقال ستيوارت إنه بعد إجراء عدد من الفحوص مع اختصاصي أمراض الكِلى، اكتشف الأطباء أنّ كليتيه لم تعودا تعملان بالشكل المطلوب، وانخفضت وظيفتهما إلى ما بين 10% و15% من الأداء الطبيعي، ما اضطرّه إلى بدء جلسات الغسيل الكلوي.
أكثر من 100 ألف شخص على قائمة الانتظارفي الولايات المتحدة، أكثر من 100 ألف شخص ينتظرون التبرع بالأعضاء، 86% منهم بحاجة إلى كلية. ويبلغ متوسّط مدة الانتظار للحصول على كلية من متبرّع ما بين ثلاث وخمس سنوات في معظم المراكز، لكن حظ ستيوارت كان أسوأ من ذلك، لأنه يحمل فصيلة الدم O، وتشير الدراسات إلى أنّ الأشخاص من هذه الفصيلة قد ينتظرون حدّ 10 سنوات للحصول على كلية من متبرّع.
قد يهمك أيضاً
وستيوارت، مدرّب رياضي ومعالج فيزيائي، خضع للغسيل الكلوي ثلاث مرات أسبوعيًا لأكثر من عامين. وتفوق نسبة الوفاة خلال خمس سنوات الـ50% بين الأشخاص الذين يعتمدون على الغسيل الكلوي.
يعود ستيوارت تدريجيًا إلى وظيفتَيْه:
- الأولى في منظمة غير ربحية تعمل مع أشخاص ذوي إعاقات جسدية،
- والثانية في برنامج الطب الرياضي التابع لمستشفى ماساتشوستس العام، حيث يساهم بإدارته.
أفرحت هذه العودة قلب ستيوارت الذي قال إنه "كان أمرًا رائعًا". وتابع: "أعتقد أن ذلك كان حاجزًا نفسيًا جميلًا تجاوزته.. وها أنا أعود تدريجيًا إلى روتين الحياة".
لكن متشوق جدًا للعودة إلى الهواء الطلق. فكان ستيوارت وزوجته يمارسان دومًا المشي لمسافات طويلة وركوب الكاياك في عطل نهاية الأسبوع، قبل أن تتدهور صحته.
وقال: "مستوى طاقتي لا يزال بعيدًا عن قدرتي على ممارسة المشي لمسافات طويلة وركوب الكاياك مع زوجتي، لكن مجرد التواجد في الخارج، وإدراك أنّ العملية أصبحت خلفي، وأن أمامي مستقبل مشرق على الأرجح، ينتظرني، فهذا شعور رائع".
مرضى روّادكان ريك سلايمن، البالغ من العمر 62 عامًا، أول مريض يتلقى كلية خنزير في مستشفى ماساتشوستس العام في مارس/آذار 2024، ليصبح بالتالي أول شخص حي في العالم يتلقى كلية خنزير معدلة جينيًا.. لكنه توفي بعد شهرين نتيجة مشاكل في القلب لا علاقة لها بالكلية المزروعة.
في يناير/ كانون الثاني 2024، تلقى تيم أندروز، البالغ حينها 67 عامًا، كلية خنزير في مستشفى ماساتشوستس العام، ولا تزال تعمل بشكل جيد حتى الآن. ويُعد حاليًا أطول مريض على قيد الحياة في العالم بعد زراعة كلية خنزير.
كما أجرى الدكتور روبرت مونتغمري وفريقه في مركز NYU Langone عمليات زراعة كلى من خنازير. ففي أبريل/نيسان 2024، قاموا بزراعة مضخة قلب ميكانيكية وكلية خنزير للمريضة ليزا بيسانو، البالغة من العمر 54 عامًا، التي كانت تعاني من فشل قلبي وفي المرحلة النهائية من مرض الكلى.
قد يهمك أيضاً
ورغم ذلك، أُزيلت الكلية في مايو/أيار بعدما تبيّن أنها لم تعد تساهم بشكل كافٍ يبرر الاستمرار في نظام إثباط المناعة، بحسب ما صرّح مونتغمري آنذاك. وتوفيت بيسانو في يوليو/تموز 2024.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أجرى مونتغمري وفريقه عملية زراعة أخرى بين الأنواع للمريضة توانا لوني.
وقد سمحت كلية الخنزير للجدة البالغة من العمر 53 عامًا بالعيش من دون غسيل كلى لمدة 130 يومًا، لكنها أُزيلت لاحقًا بعدما أثّرت عدوى غير مرتبطة بالزراعة على وظيفة الكلية. وقد عادت منذ ذلك الحين إلى الغسيل الكلوي.
كما شهدت مدرسة الطب في جامعة ماريلاند تجربتين لزراعة قلوب خنازير معدّلة وراثيًا لدى مرضى أحياء.
جميع كلى الخنازير المزروعة في مستشفى ماساتشوستس العام أُخذت من شركة eGenesis. أما شركة United Therapeutics، فقد زوّدت المرضى في NYU Langone وجامعة ماريلاند بأعضاء خنازير معدّلة جينيًا، وتوقّعت أن تبدأ تجاربها البشرية الخاصة هذا العام.
ويعبّر الخبراء عن تفاؤلهم مع انطلاق هذه التجارب التي تمثّل مرحلة جديدة في هذه الإجراءات التجريبية.
قال كونواي إن استطلاعًا بين أعضاء الجمعية الأمريكية لمرضى الكلى أظهر أن أكثر من 70% من المشاركين سيوافقون على زراعة كلية من خنزير إذا كانت معتمدة من إدارة الغذاء والدواء (FDA).
وستتيح هذه التجارب للباحثين فرصة لفهم تأثير الزراعة لدى شريحة أوسع من المرضى.
وقال مايك كيرتس، رئيس شركة eGenesis ومديرها التنفيذي لـCNN: "الدراسات الفردية أو التي تُجرى على مريض واحد مفيدة جدًا لفهم وضعنا الحالي عمومًا.. لكن السؤال الأكبر هو: كيف سيتفاعل هذا العلاج مع عدد كبير من المرضى؟".
اختبار التقنيةتخطط شركة United Therapeutics لزراعة الأعضاء لأول مرضى تجربتها السريرية خلال هذا العام، على أن تشمل الدراسة في نهاية المطاف نحو 50 مريضًا.
أما كيرتس، الرئيس التنفيذي لشركة eGenesis، فقال إن شركته تأمل في معالجة أول مريض قبل نهاية هذا العام، وتخطط لزراعة الأعضاء لإجمالي 33 مريضًا خلال العامين والنصف التاليين.
وقال الدكتور ليوناردو رييلا، اختصاصي أمراض الكلى وزراعة الأعضاء في مستشفى ماساتشوستس العام، الذي شارك في إجراء العمليات الثلاث لزراعة الأعضاء بين الأنواع هناك، إن إجراء الأبحاث على هذه التقنية لدى أشخاص يتمتعون بصحة أفضل ولم يصلوا بعد إلى مراحل متقدمة من مرض الكِلى سيكون أمرًا أساسيًا.
وأوضح رييلا أن التجارب على مرضى أكثر صحة تختبر فيها فعليًا مدى قدرة الأعضاء المزروعة على الصمود.
إقرأ المزيد