س-ن-ن بالعربية - 10/18/2025 3:58:05 PM - GMT (+3 )


دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- توصّل بحث جديد إلى أنّ الأشخاص الأكثر عرضة لصعوبة تنفس الهواء الناتج عن تغير المناخ قد يساهمون من غير قصد، في تفاقم المشكلة.
فبحسب مؤسسة الربو والحساسية الأمريكية (AAFA)، يعاني نحو 34 مليون أمريكي من أمراض رئوية مزمنة، بينهم 28 مليون شخص مصابون بالربو. ويُتوقّع أن يزداد هذا العدد مع ارتفاع درجات الحرارة التي تؤدي إلى ظواهر مناخية تسبّب مشاكل في التنفس مثل الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات.
ولعلاج حالات مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، يستخدم ملايين الأمريكيين ما يُعرف باسم أجهزة الاستنشاق ذات الجرعات المضبوطة (Metered Dose Inhalers)، وهي أجهزة صغيرة على شكل حذاء تُطلق جرعات محددة من الدواء إلى الرئتين عبر دفعة سريعة من غازات دافعة تُعرف باسم الهيدروفلورو ألكانات (HFAs).
وأظهرت دراسات نُشرت في مجلة JAMA الاثنين، أنّ أجهزة الاستنشاق الدوائية تُعتر مساهمًا كبيرًا في التلوث المسبّب للاحترار العالمي. والمشكلة ليست في الدواء بحد ذاته، بل في الغازات الدافعة (HFAs) المستخدمة في هذه الأجهزة.
قد يهمك أيضاً
وأظهرت الدراسة أن غازات الهيدروفلورو ألكانات (HFAs)، عند انبعاثها في الهواء، تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، وتمتلك قدرة على التسبّب بالاحتباس الحراري تفوق ثاني أكسيد الكربون بآلاف المرات، ما يعني أن كميات صغيرة منها يمكن أن تُحدث أثرًا كبيرًا.
وأشارت إحدى الدراسات الجديدة إلى أنه خلال عام واحد فقط، كان التلوث المسبّب لارتفاع حرارة الكوكب الناتج عن أجهزة الاستنشاق يعادل انبعاثات أكثر من نصف مليون سيارة، أو ما يوازي كمية الكهرباء المطلوبة لتشغيل 470 ألف منزل.
ووجدت الدراسة أن أجهزة الاستنشاق ذات الجرعات المضبوطة (Metered-Dose Inhalers) كانت مسؤولة عن 98% من التلوث المناخي الناتج عن أجهزة الاستنشاق. ورغم أنّ الأشخاص المصابين بأمراض رئوية لا يستطيعون الاستغناء عنها، أشار الباحثون إلى أنّ بعض المرضى قد يتمكنون من التحوّل إلى أجهزة استنشاق بديلة تُطلق غازات أقل ضررًا بالبيئة.
وقال الدكتور ويليام فيلدمان، اختصاصي أمراض الرئة والباحث بخدمات الصحة في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس وأحد مؤلفي الدراسة: "إنها منتجات صغيرة جدًا، ومن الصعب تخيّل إمكانية مساهمتها بهذا القدر من التلوّث، لكن المشكلة قابلة للحل نهائيًا بفضل وجود منتجات بديلة متاحة وأخرى قيد التطوير. لذلك يبدو أن هذه المسألة تمثل فرصة سهلة نسبيًا لمعالجة مشكلة الانبعاثات".
ووجد الباحثون في إحدى الدراسات الجديدة أنّ الصيادلة صرفوا 1.6 مليار جهاز استنشاق في الولايات المتحدة خلال الفترة الممتدة بين 2014 و2024، ما أدى إلى انبعاث 24.9 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا (CO2e).
كما ارتفعت الانبعاثات السنوية بنسبة 24% خلال ذلك العقد، من 1.9 مليون طن إلى 2.3 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (CO2e).
كما تُظهر دراسة أخرى نُشرت، الاثنين، أن الجهود المركزة لتقليل استخدام أجهزة الاستنشاق التقليدية يمكن أن تُحدث فرقًا ملموسًا.
قد يهمك أيضاً
وأضافت الدراسة أن غازات الهيدروفلورو ألكانات (HFAs) ليست ضارة بطبقة الأوزون بذات درجة أجهزة الاستنشاق التي تحتوي على مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs)، التي تمّ التخلّص منها تدريجيًا في الولايات المتحدة بين العامين 2009 و2013. لكنّ أجهزة الاستنشاق التي تحتوي على HFAs ليست الخيار الأكثر صداقة للبيئة أيضًا.
ومنذ العام 2021، أعطت إدارة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية أولوية لأجهزة الاستنشاق ذات البودرة الجافة عوضا عن النسخ التقليدية التي تحتوي على غازات دافعة، وأظهرت الدراسة أن هذا التحول قلّل انبعاث الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري بنسبة أكثر من 68% بين العامين 2008 و2023.
بموجب تعديل كيغالي الذي صُدّق عليه في العام 2016، تعهّدت الولايات المتّحدة بتقليل استخدام الهيدروفلوركربونات بنسبة حوالي 85% قبل العام 2036، وتُعدّ أجهزة الاستنشاق التي تحتوي على HFAs بين هذه الهيدروفلوركربونات التي يُحتمل أن يتم تقليل استخدامها تدريجيًا. ومع ذلك، ستبقى بعض هذه الأجهزة متاحة لأن القدرة على استخدام أجهزة الاستنشاق البديلة غير متاحة لكل المرضى.
قالت كيت بيندر، نائبة رئيس قسم الدفاع الوطني والسياسات العامة في جمعية الرئة الأمريكية، غير المشاركة في الدراسات الجديدة: "بصفتي مصابة بالربو، يُثيرني جدًا أنّ الدواء الذي أستخدمه للتعامل مع أعراض مَرَضي يُساهم في تغير المناخ".
وأضافت أنه رغم ذلك، لا توصي الجمعية بأن يقوم الأشخاص بتحويل نوع جهاز الاستنشاق إلى آخر إذا كان علاجهم الحالي فعالًا بالنسبة لهم.
قد يهمك أيضاً
يضطر الأطفال الصغار إلى استخدام أجهزة التوسيع (spacers)، وهي غرف تُتيح للمريض استنشاق الدواء ببطء بحيث يصل جزء أكبر منه إلى الرئتين، ويُعيق استخدام هذه الأجهزة فعالية أجهزة الاستنشاق ذات البودرة الجافة. كما أن بعض كبار السن أو الأشخاص الضعفاء قد لا يتمكنون من توليد شهيق قوي وسريع بما يكفي لاستنشاق نسخة البودرة الجافة من الدواء بشكل فعال.
كما يمكن أن يكون السعر حاجزًا أمام استخدام أجهزة الاستنشاق ذات البودرة الجافة، لأن العديد من النسخ التي تحتوي على HFAs تكون شائعة وأرخص ثمنًا، وفي الغالب لا تُغطّي شركات التأمين نوع البودرة الجافة.
تتوفر أجهزة الاستنشاق ذات البودرة الجافة في الولايات المتحدة بأعداد أقل مقارنة بأوروبا، رغم أنّ بعض الشركات تختبر خيارات أخرى. ففي أوروبا، توجد بعض الأجهزة التي توفر مفعولًا سريعًا وتحتوي على عنصر مضاد للالتهابات، لكن لم يُصادق أي منتج مماثل في الولايات المتحدة بعد.
ورغم هذه العقبات، كتب الدكتور ألكسندر س. رابن، والدكتورة جوثي تيرومالاسيتي، والدكتورة ستيفاني إ. ماكسيموس في مقال ترافق نشره مع الدراستين:"حتى مع هذه التحديات، قد يكون تغيير نوع أجهزة الاستنشاق التي يستخدمها الناس بين أكثر الفرص الواعدة لقطاع الصحة بغية تقليل الانبعاثات الكربونية، إذ توجد بدائل مستدامة لمعظم المرضى، ومسار للإصلاح لا يُضحّي بجودة الرعاية".
ولفتت بيندر إلى أنه "نعم، يجب أن نصل إلى مستقبل لا تُصدّر فيه أجهزة الاستنشاق غازات الاحتباس الحراري، لكن خلال هذا المسار، يجب أن نضمن أن يظل الناس قادرين على الوصول إلى أجهزة الاستنشاق التي تحتوي على غازات دافعة وغيرها من الخيارات".
وأشار فيلدمان إلى أنه في الصورة الكبيرة، تُعد أجهزة الاستنشاق سببًا صغيرًا نسبيًا لتغيّر المناخ مقارنة بالمسبّبات الأكبر مثل المرور والزراعة وتوليد الطاقة. لكنه، كطبيب يعالج بانتظام أشخاصًا يعانون من صعوبة التنفس بسبب ذلك، أكد أن كل جهد صغير يُحدث فرقًا.
وخلص فيلدمان: "الأمر يقع على عاتقنا جميعًا لمحاولة القيام بدورنا في تقليل الانبعاثات".
إقرأ المزيد