هذه التوجيهات النبيلة التي أصدرها جلالة الملك
أخبار الخليج -

منذُ اللحظةِ الأولى التي أُذيعت ثم نُشرت فيها توجيهاتُ حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى الحكومة الموقَّرة بشأن «تعزيز إمكانياتها من أجل إتاحة المجال للتطبيق الفعَّال لأحكام قانون العقوبات البديلة».. شعر المواطنون بقدرٍ كبيرٍ من الطمأنينة والأمن الاجتماعي، وأنهم يلمسون خطوةً نوعية جديدة لترسيخ الأمن والأمان وروح الأسرة الواحدة التي يؤمن بها جلالته على الدوام.. وهي التي تسود البحرين بشكلٍ متزامن مع المشروع الإصلاحي لجلالته، ومنذ البداية.

وهذه التوجيهات التي فاجأ بها جلالته الجميع، تتجاوبُ وتؤكِّد الحقيقة التاريخية التي يتمتع بها قائدهم الأعلى، ومفادها أن مبادئ جلالته تتصدرها روحُ التسامحِ والتعايش وكرامة المواطن.. وإنْ كان هذا الذي وجَّه إليه جلالته «تعزيز الإمكانيات من أجل التطبيق الفعَّال لأحكام قانون العقوبات البديلة» يجعل الهدف أو الرغبة الأكيدة في الإصلاح تنضم بجدارة إلى تلك المبادئ التي يقوم عليها هذا التوجيه المجتمعي النبيل.

ولم تقف الأمور عند مفهوم هذا التوجه.. فقد وجدنا جلالة الملك يقرن توجيهاته النبيلة هذه بضرورة العمل على توفير التدابير والبرامج التأهيلية التي تتناسب مع الظروف الشخصية للمحكوم عليهم الذين يتوخى إصلاحهم من أجل أن يُعاد إدماجهم في المجتمع، لما في ذلك من تحقيقٍ للصالح العام، وتحقيق الأهداف المرجوة من العقوبة.. وخاصة الردع الخاص بعدم العودة إلى ارتكاب الجريمة.

كلنا نعلم أن بعض الدول تصلَّبت خطواتها عند وضع العقوبات بمظهرها التقليدي، وصورها المتعددة.. كما أن عقوبة الحبس لا تخلو من صور متشددة قد تدمر في النفس ما يكون قد بقي منها من نبلٍ وقيمٍ ومن إيمان بالله وبالمجتمع.. ولذلك فإننا نرى أن الدول التي يسود فيها الإصرار على العقوبات التقليدية وحدها هي التي تتزايد فيها الجريمة ولا تتراجع أبدًا.. هذا إلى درجة أن الذين قد دفعتهم الظروف الخارجة عن إرادتهم نحو ارتكاب الجريمة التي حُوكموا بمقتضاها قد يصبحون مجرمين.. فبعض الذين حُكم عليهم قد عادوا إلى حياة الإجرام بدرجة أشد إجراما.. ولذا فإن هذه العقوبات البديلة قد تنقذ الكثيرين من قسوة المشاعر والمصير بعد تنفيذ العقوبة.

ولذلك وجدنا جلالة الملك يشير صراحة إلى الهدف من هذه العقوبات البديلة.. ومن توجيهات جلالته التي جاءت عبر النبل والحرص على مستقبل ومصائر أبناء الوطن.. فقد وجدنا جلالته يشير صراحة إلى أن الهدف هو الإصلاح في أن يُعاد المحكوم عليهم إلى المجتمع ويدمجوا فيه لما في ذلك من تحقيق للصالح العام.. وهذا القول الصريح هو ما أسعد الجميع وجعل الطمأنينة تغمر مشاعرهم.

ورغم أن توجيهات جلالته جاءت مركَّزة فإنها قد تحدَّثت عن أكثر من هدفٍ إصلاحي كريم.. حيث لم تقف توجيهات جلالته على ما أشرنا إليه.. فقد أكد هذا التوجيه الملكي السامي إلى ضرورة انتهاج المملكة في تشريعاتها ما يحقق الأمن والأمان لجميع المواطنين، وترسيخ دعائم التنمية والاستقرار على قاعدة العدالة التي من أبرز مبادئها المواءمة والملاءمة والتناسب.

وهذه دعوة صريحة من لدن جلالته إلى السلطة التشريعية البحرينية الموقرة بأن تركز في المرحلة المقبلة في مجال التشريعات التي تحقق الأمن والأمان للمواطنين.. من خلال آلية «الاقتراحات بقوانين».. ويقيني أن مجال تحقيق الأمن والأمان لجميع المواطنين.. هو مجالٌ خصب للتشريع.. أو أنه ينبوعٌ تشريعيٌّ يمكن النهل منه بما يحقق أهداف جلالة الملك.

ومن ناحيته شرح جلالته في بيانه المركز الهدف العام من قانون العقوبات البديلة.. إذ أشار جلالته إلى أن هذا القانون قد جاء خطوة نوعية مهمة في هذا الاتجاه بما يضمنه من نظامٍ يسمح بتنوع العقوبات، ويوفر مساحة في مجال توقيع الجزاء الجنائي، وبما يتناسب مع عمر وصحة وجنس المحكوم عليه، وكذلك ظروفه الشخصية، ويتلاءم في ذات الوقت مع طبيعة الجريمة، ويعزز سبل مكافحتها، وردع مرتكبيها دون المساس بحقوق المجني عليهم والمتضررين من الجريمة. 

وأخيرا.. يجدر القول إن المجتمع الذي ترفرف في سمائه وفوق أرضه الطيبة روح الأسرة الواحدة لا يصلح معه سوى روح ومضمون ومفهوم هذا البيان وهذا التوجيه الذي صدر عن جلالة الملك المفدى.. كما أن هذه المعاني الجميلة التي تنطق بها حروفُ وكلمات هذا البيان تتوافق بالضرورة وبدرجة عالية مع مبادئ حقوق الإنسان كإنسان.. والبحرين رائدة في هذا المجال أيضا.. أقصد مجال الريادة في العمل بمبادئ حقوق الإنسان في جميع المجالات.

ويفسح المجال واسعًا وخصبًا للأخذ بكل هذا الذي نادى به جلالة الملك المفدى على وجه السرعة.. أن سمعة المؤسسات الإصلاحية على أرض البحرين هي ناصعة البياض لا تشوبها شائبة، ويشهد على ذلك الخبراء وأعضاء المنظمات الدولية الذين يزورون هذه المؤسسات الإصلاحية البحرينية ويلتقون القائمين عليها ويتحدثون مع نزلائها.. حيث إن النصيحة التي يرددها دائما معالي وزير الداخلية الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة على مسامع رجاله البواسل هي أن احترام القانون والأخذ بمبادئ حقوق الإنسان واحترام الإنسان كإنسان تأتي قبل الكفاءة في أداء الواجب.

كما أن الممارسات الإنسانية تتصدر جميع الممارسات من حيث السماح لنزلاء هذه المؤسسات بحضور المناسبات الإنسانية والأسرية التي تستوجب وجود النزيل مع أهله وأسرته.. وغير ذلك من المعاملات الطيبة لأبناء الوطن  وهي متعددة.

المهم أن هذا البيانَ الإنساني الذي صدر أمس الأول عن جلالة الملك قد جاء لفتة كريمة من ملكٍ كريم عاهد شعبَه بأن غده الأجمل هو الذي لم يعشه بعد.

إقرأ أيضا لـ"لــطفـــــــي نصــــــــــر"

إقرأ المزيد